منتدى مدرسة السلام (أ)

القصة الحقيقية لرافت الهجان  Ezlb9t10
ادارة المنتدي : أ/كامل شعت ، elsaidshaat




انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتدى مدرسة السلام (أ)

القصة الحقيقية لرافت الهجان  Ezlb9t10
ادارة المنتدي : أ/كامل شعت ، elsaidshaat


منتدى مدرسة السلام (أ)

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى مدرسة السلام (أ)

منتدى دراسى شامل لمدرسة السلام أ بالرحمانية بحيرة الأستاذ كامل شعت


برقية تهنئة:***الف مليوووووووون مبرووووووووووووك حصول مدرسة السلام أ الابتدائية علي الجودة والاعتماد التربوي في يوم الاثنين 8/8/2011  مع تحيات * المنسق العام للجودة : أ/ كامل شعت مدير المنتدي

ساعة المنتدي


المواضيع الأخيرة

» علماء يكشفون خطورة سد النهضة على الكعبة المشرفه
القصة الحقيقية لرافت الهجان  I_icon_minitimeالأحد فبراير 23, 2014 9:34 pm من طرف أ/كامل شعت

» لأول مرة و بناء على رغبة الجماهير برنامج فاحص الرقم القومى
القصة الحقيقية لرافت الهجان  I_icon_minitimeالأحد فبراير 23, 2014 11:52 am من طرف أ/كامل شعت

»  ترتيب الانبياء واعمارهم
القصة الحقيقية لرافت الهجان  I_icon_minitimeالأحد فبراير 23, 2014 11:47 am من طرف أ/كامل شعت

» هل تعلم ما ينتج عن تناول كوب من الماء كل ساعتين ؟ ...
القصة الحقيقية لرافت الهجان  I_icon_minitimeالأحد فبراير 23, 2014 11:43 am من طرف أ/كامل شعت

» تفلم كيف نصبح منظما ومرتبا فى حياتك
القصة الحقيقية لرافت الهجان  I_icon_minitimeالإثنين فبراير 17, 2014 9:14 am من طرف أ/كامل شعت

»  5 خطوات لحل جميع مشكلاتك
القصة الحقيقية لرافت الهجان  I_icon_minitimeالإثنين فبراير 17, 2014 9:12 am من طرف أ/كامل شعت

» انا مهما ذاكرت
القصة الحقيقية لرافت الهجان  I_icon_minitimeالإثنين يناير 27, 2014 11:05 am من طرف يمنى شعت

» اعجاز في لقران الكريم
القصة الحقيقية لرافت الهجان  I_icon_minitimeالإثنين يناير 27, 2014 11:04 am من طرف يمنى شعت

» حكمة للخوارزمي
القصة الحقيقية لرافت الهجان  I_icon_minitimeالإثنين يناير 27, 2014 11:02 am من طرف يمنى شعت

» ير أكاديمية المعلمين ل " الجمهورية" :تأهيل 140 ألف معلم للمناصب القيادية
القصة الحقيقية لرافت الهجان  I_icon_minitimeالخميس نوفمبر 07, 2013 9:42 pm من طرف أ/كامل شعت

» 10 درجات للسلوك..في الثانوية العامة
القصة الحقيقية لرافت الهجان  I_icon_minitimeالجمعة أبريل 27, 2012 8:49 pm من طرف أ/كامل شعت

» اضحك ههههههههه
القصة الحقيقية لرافت الهجان  I_icon_minitimeالثلاثاء مارس 20, 2012 8:08 pm من طرف أ/كامل شعت

» اه ياني ياني ياني مش هاروح لستي تاني
القصة الحقيقية لرافت الهجان  I_icon_minitimeالسبت فبراير 25, 2012 9:03 pm من طرف حورية الجنه

» نكتة جميلة جميلة جميلةخالص
القصة الحقيقية لرافت الهجان  I_icon_minitimeالسبت فبراير 25, 2012 8:56 pm من طرف حورية الجنه

» نكتة
القصة الحقيقية لرافت الهجان  I_icon_minitimeالسبت فبراير 25, 2012 8:53 pm من طرف حورية الجنه

مواضيع مماثلة

    دخول

    لقد نسيت كلمة السر

    المتواجدون الآن ؟

    ككل هناك 1 عُضو حالياً في هذا المنتدى :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 1 زائر

    لا أحد


    أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 53 بتاريخ الإثنين مايو 28, 2012 2:51 pm

    احصائيات

    أعضاؤنا قدموا 2693 مساهمة في هذا المنتدى في 578 موضوع

    هذا المنتدى يتوفر على 491 عُضو.

    آخر عُضو مُسجل هو حماده المنياوى فمرحباً به.


    +3
    ĕlšăЭĕɗ šɦЭăt
    لؤلؤة
    يمنى شعت
    7 مشترك

      القصة الحقيقية لرافت الهجان

      يمنى شعت
      يمنى شعت
      المراقب العام للمنتديات


      عدد المساهمات : 206
      تاريخ التسجيل : 23/10/2010

      القصة الحقيقية لرافت الهجان  Empty القصة الحقيقية لرافت الهجان

      مُساهمة من طرف يمنى شعت الخميس أكتوبر 28, 2010 10:44 am

      منذ ظهر أدب الجاسوسية - بمفهومه الحالي - إلى الوجود، في عالمنا العربى،مع بدايات ستينيات القرن العشرين، وعَبْر ما يزيد قليلاً عن أربعين عاماً،طالعتنا قصص وعناوين مختلفة، تدور كلها -أو معظمها- عن عمليات قامت بهاأجهزة المخابرات، المصرية والعربية، أو حتى العالمية، وتردَّدت في العقولوالأذهان، من خلال أوراق الصحف أو الكتب، أو شاشات السينما أو التليفزيون،أو الشبكات الإذاعية، أسماء العديد من الشخصيات، التي ساهمت في كتابةتاريخ المخابرات، سلباً أو إيجاباً.

      مثل (هبة سليم)، تلكالجاسوسة المثقفة، ذات الطابع الخاص جداً، والتي لم تنجح مصريتها في كبتأحلام وتطلُّعات طموحاتها المتفجِّرة، فاندفعت بكل عقلها ونشاطها،ومواهبها المتعدِّدة، نحو طريق الخيانة، وطرحت هويتها تحت أقدام المخابراتالإسرائيلية، التي أوهمتها بأحلام التفوّق والقوة والنجاح، والتي لمتستيقظ منها، إلا وحبل المشنقة يلتفّ حول عنقها الجميل. قبل حتى أن يعرفالعامة قصتها، ويتابعون خيانتها، على شاشة السينما، من خلال أوَّل وأقوىفيلم عن عمليات المخابرات (الصعود إلى الهاوية)، والذي قدَّمها فيه الراحلالمبدع (صالح مرسى)، تحت اسم (عبلة كامل)، مع تلك العبارة الشهيرة، التيانحفرت لروعتها في كل الأذهان: (هي دي مصر يا عبلة)..

      أيضاً أتحفناالتليفزيون المصرى، في بداية التسعينيات، بقصة (أحمد الهوَّان)، ذلكالمصري البسيط، الذي لعب دوراً مزدوجاً مدهشاً، لخداع المخابراتالإسرائيلية، وانتزاع واحد من أفضل وأحدث أجهزة الاتصال -أيامها- من بينأنياب ذئابها، في مسلسل حمل طابعاً فريداً، في ذلك الحين، باسم (دموع فيعيون وقحة)، منح خلاله الأستاذ (صالح مرسى)، لبطل القصة الحقيقى، اسماًيتناسب معه إيقاعياً كعادته (جمعة الشوَّان)..

      ولكن، ومع كل ما ظهرإلى الوجود -عربياً- عبْر هذا النوع من الأدب، لم يحظ جاسوس واحد، بكل ذلكالاهتمام، وكل تلك الشهرة، المحلية والعالمية، أكثر من (رفعت علي سليمانالجمَّال)، ذلك المصري الشاب، الذي وصفه من التقطوه في بداياته بأنه أقربإلى المحتال، منه إلى رجل الأعمال، مع كل ما يجيده من مهارات وخبرات،وقدرة مدهشة على اجتذاب من حوله، والتأثير فيهم، وإقناعهم بأية روايةيُحِيكُها ذهنه، أو يتدرَّب عليها بإتقان..

      ومنذ ظهور قصة (رفعتالجمَّال) إلى الوجود، كرواية مسلسلة، حملت اسم (رأفت الهجَّان)، في 3يناير 1986م، في العدد رقم (3195) من مجلة (المصوِّر) المصرية، جذب الأمرانتباه الملايين، الذين طالعوا الأحداث في شغف مدهش، لم يسبق له مثيل،وتعلَّقوا بالشخصية إلى حد الهوس، وأدركوا جميعاً، سواء المتخصصين أوغيرهم، أنهم أمام ميلاد جديد، لروايات عالم المخابرات، وأدب الجاسوسية،وأمام بوَّابة جديدة فريدة، تنفتح لأوَّل مرة، على هذا النحو من القوة،أمام القارئ العادي..
      وتحوَّلت القصة إلى مسلسل تليفزيوني، سيطر علىعقل الملايين، في العالم العربي كله، وأثار جدلاً طويلاً، لم ينقطع حتىلحظة كتابة هذه السطور، في منطقة الشرق الأوسط بأكملها، بما فيها، أو لعلعلى رأسها، (إسرائيل) نفسها..

      ولأن الأمر قد تحوَّل، من مجرَّدرواية في أدب الجاسوسية، تفتح بعض ملفات المخابرات المصرية، إلى صرعة لامثيل لها، ولهفة لم تحدث من قبل، وتحمل اسم (رأفت الهجان)، فقد تداعتالأحداث، وانطلق الخيط بلا حدود، وراحت عشرات الصحف تنشر معلومات جديدة فيكل يوم، عن حقيقة ذلك الجاسوس المدهش، الذي زرعته المخابرات المصرية فيقلب (إسرائيل)، لينشئ ويدير واحدة من أقوى شبكات الجاسوسية، ويبرع في خطةخداع عبقرية، ومنظومة مخابراتية رفيعة المستوى، عبر ثمانية عشر عاماًكاملة، دون أن ينكشف أمره لحظة واحدة، على عكس ما يدّعي الإسرائيليونالآن..









      ومن بين كل المقالات،والأحاديث، والكتب العديدة، التي تحدَّثت عن (رفعت الجمَّال)، وحاولت كشفحقيقته، وهويته، وأسرار حياته، وبداياته، ومغامرته المذهلة، في قلبالمجتمع الإسرائيلى، لن تجد أفضل، أو أقوى، أو أكثر جذباً للانتباه،وإطلاقاً للفكر، من هذا الكتاب، الذي نستعرضه هنا اليوم (18 عاماً خداعاًلإسرائيل - قصة الجاسوس المصري- رفعت الجمَّال)..


      الكتاب صدر عن مركز الترجمة والنشر بالأهرام، ويحمل رقم الإيداع (4230/1994)، وليس له رقم إيداع دولى!!..



      وقوةهذا الكتاب لا تكمن في ما يحويه من صور نادرة، ومعلومات لم تنشر من قبل،عن حقيقة (رفعت الجمَّال)، ولا في التفاصيل المدهشة، التي تختلف كثيراً،في بعض مواضعها، عما قرأناه في الرواية، أو شاهدناه على شاشات التليفزيون،وإنما تكمن فيما اعتبره قنبلة حقيقية، لم تتفجرَّ في لغتنا العربية قط، فيمثل هذا النوع من الأدب..


      تكمن في أنه يحوي فصلاً كاملاً، كتبه (رفعت الجمَّال) بنفسه، عن قصة حياة (رفعت الجمَّال)، الجاسوس المصري الأشهر..


      والكتابفي مجمله هو مذكرات كتبتها (فلتراود هاينريتش شبالت)، التي عُرفت فيما بعدباسم (فلتراود بيتون)، أرملة (جاك بيتون)، وهو ذلك الاسم، الذي عُرف به(رفعت الجمَّال)، منذ تحوَّل إلى هوية يهودية، والذي حمله في (إسرائيل)،وفي (ألمانيا) رسمياً، حتى لحظة وفاته..



      وينقسم الكتاب إلىثلاثة فصول، يتحدَّث الفصل الأوَّل منها عن حياة (فلتراود) مع (جاكبيتون)، ولقائها به، والكثير من التفاصيل عن شخصيته، حسبما خبرتها وعرفتهاشخصياً، طوال فترة زواجهما..


      وهذا الفصل يبدو أشبه بقصةرومانسية، ومناجاة لحبيب رحل، بأكثر مما يرتبط بعالم المخابراتوالجاسوسية، كما قد ترغب في قراءته إذا ما ابتعت الكتاب لهذا الهدفبالتحديد، ولكن، وعلى الرغم من هذا، فالفصل الأوَّل يمنحك الكثير منالمعلومات الهامة، واللمحات شديدة الخطورة، بشأن شخصية (جاك بيتون)،وتغلغله القوى، في قلب المجتمع الإسرائيلى، وبالذات ذلك الجزء الذي تقولفيه (فلتراود) في مذكراتها الشخصية:



      "قضيت أياماً أضفي"لمسة المرأة" على الشقة، وذات يوم، وأنا عاكفة على تنظيف المسكن دق جرسالمنزل، وعندما فتحت الباب، لم أر للوهلة الأولى سوى باقة كبيرة منالأزهار، وما إن انخفضت الباقة قليلاً، حتى طالعتني أعرض ابتسامة عرفتها..رأيت رجلاً واقفاً أمامى، وعلى إحدى عينيه عصابة من القماش الأسود، قدَّمإليَّ باقة الورد، قائلاً :



      - أردت فقط أن أشاهد الغلطة، التي ارتكبها جاك بيتون.



      ثم انصرف لا يلوي على شئ. أدركت أنه موشي ديان، وعرفت بعد ذلك أنه أقرب أصدقاء جاك.."







      وفقاًلرواية (فلتراود)، كانت توجد إذن صداقة قوية بين وزير الدفاع الإسرائيليالسابق شخصياً، وبين (جاك بيتون)، الجاسوس المصري، الذي زرعته المخابراتالعامة، في قلب (إسرائيل)..






      فياللخطورة!..



      ويا للقوة!..



      ولم تكتف (فلتراود) بهذا القدر في روايتها، وإنما تقول في موضع آخر:


      "كانأقرب الأصدقاء لنا هم موشي ديان، وجولدا مائير، وبن جوريون، وعزراوايزمان، وكان جاك وموشي وعزرا أشبه بالفرسان الثلاثة، وكانوا عندمايجتمعون معاً، نادراً ما يعكر صفوهم أي شئ، كانت حياتهم معاً مزاحاً فيمزاح، أما جولدا مائير وبن جوريون فكانا بمثابة الأبوين بالنسبة له. لقدتقبَّلاني برضاً وترحاب وأبْدَيَا عطفاً كبيراً نحوي، وكثيراً ما كانتجولدا مائير تسألني عما إذا كان جاك يحسن معاملتي أم لا..؟"



      إذن فالجاسوس المصري، حسبما تذكر (فلتراود)، كان صديقاً لأكبر ثلاثة أسماء في (إسرائيل) كلها، في ذلك الحين!!..


      هل يمكنك أن تدرك ما الذي يمكن أن يعنيه هذا، وأي نجاح ذلك، الذي حققه رجلنا في (تل أبيب)؟!!..



      وبغضالنظر عن تلك الوقفات المثيرة للدهشة والتساؤل، فهذا الفصل من الكتاب يمضيمع ذكريات (فلتراود) حتى لحظة وفاة زوجها (جاك بيتون)، في الثلاثين منيناير 1982م، في (دارمشتاد) في (ألمانيا)..


      وبعد عدة صفحات،تحوي مجموعة من الصور الهامة لمراحل حياة (جاك بيتون)، ينتقل بنا الكتابإلى الجزء الثاني والخطير، والأكثر أهمية في الكتاب كله..


      إلى قصة حياة (رفعت الجمَّال)، كما رواها هو…
      شخصيــــاً..



      وهذاالجزء هو الترجمة الحرفية لعدد كبير من الصفحات، التي كتبها (جاك بيتون)بخط يده، باللغة الإنجليزية وتركها لدى محاميه؛ ليسلّمها إلى زوجته(فلتراود)، بعد فترة حدَّدها بثلاث سنوات من وفاته، باعتبار أنها ستكونفترة كافية لتستعيد تماسكها، واستعادة قوتها، بحيث يمكنها تحمُّل الصدمةالتي ستشعر بها، عند قراءتها مذكراته الخاصة، كما يقول بنص كلماته، فيمقدِّمة المذكرات، و..
      يمنى شعت
      يمنى شعت
      المراقب العام للمنتديات


      عدد المساهمات : 206
      تاريخ التسجيل : 23/10/2010

      القصة الحقيقية لرافت الهجان  Empty رد: القصة الحقيقية لرافت الهجان

      مُساهمة من طرف يمنى شعت الخميس أكتوبر 28, 2010 10:47 am

      أشهر الجواسيس : بقلم رأفت الهجان.. شخصياً


      الفصل الاول :
      يبدأ (رفعت في رواية قصة حياته، منذ مولده، في مدينة (دمياط)،



      فيالأوَّل من يوليو 1927م، لأب ( علي سليمان الجمّال)، تاجر فحم بالجملة،وأم (رتيبة علي أبو عوض)، من أسرة راقية، تتحدَّث الإنجليزية والفرنسية،اللتين تعلمتهما في إحدى المدارس الخاصة..


      وفي بداية مذكراته،يتحدَّث (رفعت علي سليمان الجمَّال) عن أخيه غير الشقيق (سامي)، وعن شقيقه(لبيب) و(نزيهة)، ويؤكِّد احترامه وتقديره الشديدين للأخ غير الشقيق(سامي)، الذي تولَّى شئون الأسرة كلها، بعد وفاة الأب عام 1936م، والذيكان مدرساً خصوصياً للغة الإنجليزية، لأخوي الملكة (فريدة)، مما يعني أنهكان يتمتَّع بمكانة محترمة للغاية..


      وفي (مصر الجديدة)، نشأ(رفعت) وترعرع، تحت رعاية (سامي)، الذي نقل الأسرة كلها إلى (القاهرة)،بعد وفاة الوالد، والتحق (رفعت) هناك بمدرسة للتجارة المتوسِّطة، وهو فيالرابعة عشرة من عمره، بناءً على ضغط الأسرة، التي رأت أن طبيعته غيرالمسؤولة، لن تساعده على النجاح في التعليم الجامعى..


      وفيمدرسته التجارية المتوسِّطة، انبهر (رفعت) بالبريطانيين، الذين كانوايقاومون الجيوش النازية باستماتة، مما دفعه إلى التحدُّث بالإنجليزية،بلكنة بريطانية، كما تعلَّق كثيراً بأستاذه الباريسي، الذي علَّمه أنيتحدَّث الفرنسية بلكنة الفرنسيين، حتى أجاد اللغتين، وبرع في التحدُّثبهما، مما كان له أبلغ الأثر في مستقبله فيما بعد..


      وفي تلكالفترة أيضاً، كان للسينما سحر كبير، في نفوس الشباب، في كافة أنحاءالعالم، مما جذب انتباه (رفعت)، وغرامه، وطموحه، إلى الحد الذي جعله يحلمبالعمل في السينما ذات يوم، حتى أنه، وأثناء رحلة مدرسية إلى ستوديوهاتالسينما، تسلَّل إلى حجرة الفنان (بشارة واكيم)، وراح يقلِّد أدواره، حتىضبطه الممثل الكبير متلبساً، وراق له ما يفعله، فسأله عن اسمه وأسرته، ثمنصحه بالاهتمام بدارسته أوَّلاً، والعودة بعد الانتهاء منها، للبحث عن دورفي عالم السينما..


      وفي ذلك اليوم، شعر (رفعت) الصبي بنشوة غامرة، وقرَّر أن يكمل دراسته، ليصبح ممثلاً..


      وفيبدايات عام 1943م، تزوَّجت شقيقته (نزيهة) من الملازم أوَّل (أحمد شفيق)،وانتقلت الأم إلى (دكرنس)، واستعد (سامي) للزواج من ابنة (محرم فهيم)،رئيس نقابة المحامين - آنذاك - وأصبح من الضروري أن ينتقل (رفعت) مع شقيقه(لبيب)، الذى أصبح محاسباً في بنك (باركليز)، إلى شقة أخرى، استأجرها لهما(سامي)، بالقرب من ميدان (لاظوغلي)..


      ووفقاً لمذكراته، التقى(رفعت) بالممثل (بشارة واكيم) مرة أخرى، في عام 1945م، فتذكَّره الرجل،ومنحه دوراً صغيراً في أحد أفلامه، لتتغيِّر بعدها حياته تماماً؛ فمعالزهو الذى شعر به، مع عرض الفيلم، على الرغم من صغر دوره، بدأ زملاءالدراسة يعاملونه كنجم سينمائي، وأحاطوه باهتمامهم، وأسئلتهم، وغيرتهمأيضاً، مما ضاعف من إحساسه بالثقة، وساعده على إنهاء دراسته، في صيف1946م، ليعمل مرة أخرى، في أفلام الفنان (بشارة واكيم)، ويلتقي بأوَّل حبفي حياته.. (بيتي)..



      وعلى الرغم من أن مذكرات (رفعت)تحمل اسم (بيتي)، التي وصفها بأنها راقصة شابة، مراهقة وطائشة، وتكبرهبعام واحد، إلا أن بعض الآراء تعتقد أن المقصود هنا هو الراقصة (كيتي)،اليهودية الشابة، التي تورَّطت فيما بعد، مع شبكة جاسوسية أخرى، وفرَّتتحت جنح الظلام من (مصر) كلها، ولم تُسمع أخبارها بعدها قط..


      المهمأن (رفعت) لم يرتبط بالراقصة الشابة عاطفياً فحسب، وإنما جنسياً أيضاً،وانتقل للعيش معها، مما أثار غضب (لبيب)، وتسبَّب له في مشكلات عائليةعديدة، جعلته يتخلَّى فى النهاية عن (بيتي)، وعن العمل فى السينما،ليتقدَّم بطلب وظيفة لدى شركة بترول أجنبية، على ساحل البحر الأحمر، ويفوزبها بجدارة؛ بسبب إجادته للفرنسية والإنجليزية بطلاقة..


      ولقدنجح (رفعت) فى عمله إلى حد كبير، وبالذات لأنه يعمل في (رأس غارب)، علىمسافة تقرب من مائتي كيلو متر، بعيداً عن (القاهرة)، التي فر من مشاكلهالعديدة بها، ورفض بإصرار العودة إليها، عندما تم نقله إلى الفرع الرئيسيبها، كنوع من الترقية..


      ورفض (رفعت) الترقية، ورفض الوظيفةكلها، وتحيَّن فرصة لقائه برجل أعمال سكندري، ربطته به علاقة وثيقة أثناءعمله، ليطلب منه العمل لديه، ولينتقل بعدها بالفعل إلى (الإسكندرية)..


      وارتبط(رفعت) برجل الأعمال السكندري هذا ارتباطاً وثيقاً، وشعر في منزله بدفءالأسرة، الذي افتقده طويلاً، بل وخفق قلبه هناك بحب (هدى)، ابنة رجلالأعمال، الذي لم يعترض على نمو هذه العلاقة، بعد أن اعتبر أن (رفعت)بمثابة ابنه، الذي لم ينجبه أبداً..


      وكان من الممكن أن ينمو هذا الحب، ويزدهر، وينتهي بزواج، واستقرار، وأسرة بسيطة وسعيدة، و…


      ولكن القدر كان يدخر مفاجأة كبيرة لبطلنا، هي بالضبط ما رأيناه وتابعناه جميعاً، على شاشة التليفزيون، في المسلسل الشهير..


      مهمة متابعة، لفرع الشركة في (القاهرة)، تحوَّلت إلى عملية احتيال، من مدير الفرع الخبيث، وانتهت باتهام (رفعت) بالاختلاس والسرقة..


      وعلىالرغم من أن رجل الأعمال السكندري كان يدرك أن (رفعت) قد سقط في فخ محكم،إلا أنه اضطر لفصله من وظيفته، تجنباً لإجراء أية تحقيقات رسمية، في نفسالوقت الذي أوصى فيه بتعيينه كمساعد ضابط حسابات، على متن سفينة الشحن(حورس)..


      وأثناء عمله على السفينة، وتوقفها فى (ليفربول)البريطانية، التقى (رفعت) بالفاتنة (جودي موريس)، التى ذكَّرته بحبيبتهالسابقة (بيتي)، مما دفعه إلى الارتباط بها، ودفعها إلى التعلُّق به، حتىأنها حرضته على التظاهر بالإصابة بالتهاب الزائدة الدودية، حتى لا يرحل معالسفينة (حورس)، عندما يحين موعد مغادرتها لميناء (ليفربول)..


      وقضى(رفعت) بعض الوقت مع (جودي) بالفعل، بعد رحيل (حورس)، ولكنه لم يلبث أنسئم الأمر كله كعادته، فاستعاد عمله على سفينة الشحن، عند عودتها إلى(ليفربول)، وعاد إلى (مصر)، في مارس 1950، إلا أنه لم يلبث أن عمل على متنسفينة شحن فرنسية، سافر معها إلى (مرسيليا)، ثم هجرها إلى (باريس)، حيثأجاد اللغة الفرنسية إجادة تامة، واستثمرها فى إقامة بعض العلاقاتالنسائية هناك، والتي كان يرغب في استمرارها إلى الأبد، لولا أنه واجه خطرالطرد من البلاد؛ لأنه لم يكن يحمل تأشيرة إقامة رسمية..


      ومرةأخرى، وبتأشيرة زيارة قصيرة، سافر (رفعت) إلى (بريطانيا)، بحجة استشارةالطبيب، الذي أجرى له عملية الزائدة، واستقر ليعمل هناك في وكالةللسفريات، تحمل اسم (سلتيك تورز)..




      وفي هذه المرةأيضاً، ومع النجاح الذي حققه في عمله، كان من الممكن أن يستقر (رفعت) في(لندن)، وأن يحصل على إقامة رسمية بها، بل وأن يصبح من كبار خبراء السياحةفيها، لولا أنه، وأثناء قيامه بعقد صفقة لحساب الشركة في (نيويورك)،تلقَّى عرضاً من صاحب شركة أمريكية، بدا له مناسباً للغاية، فقبله علىالفور، ودون تفكير، وقرَّر الإقامة في الولايات المتحدة الأمريكية لبعضالوقت، دون تأشيرة عمل رسمية، أو بطاقة ضمان اجتماعي خضراء..


      ولعلهذا أسوأ قرار اتخذه (رفعت الجمَّال) في حياته، أو أن القدر كان يدخر لهبالفعل ذلك الدور، االذي صنع منه حالة فريدة في عالم الجاسوسية، ويدفعهإليه دفعاً بلا هوادة..


      فمنذ اتخذ قراره هذا، اضطربت حياة (رفعت) تماماً..


      إدارةالهجرة بدأت تطارده، وصاحب العمل تخلّى عنه، وتم وضع اسمه فى القائمةالسوداء في (أمريكا)، مما اضطره للهرب إلى (كندا)، ومنها إلى (فرانكفورت)في (ألمانيا)، التي حصل على تأشيرة ترانزيت بها، باعتبارها مجرَّد محطة،للوصول إلى (النمسا)..


      ولكن عبثه أيضاً صنع له مشكلة ضخمة في(فرانكفورت)، حيث قضى ليلة واحدة، مع فاتنة شقراء، استيقظ ليجد نفسه بعدهادون نقود، ودون جواز سفر أيضاً..


      ففي تلك الفترة بالذات، كان الكثيرون من النازيين السابقين، يسعون للفرار من (ألمانيا)، ويشترون، في سبيل هذا، جوازات سفر أجنبية..


      ولقداتهمه القنصل المصري هناك بأنه قد باع جواز سفره، ورفض أن يمنحه وثيقة سفربدلاً منه، ثم لم تلبث الشرطة الألمانية أن ألقت القبض عليه، وتم سجنهلبعض الوقت، قبل أن يرحل قسراً، على متن أوَّل طائرة، عائداً إلى البلدالذي جاهد للابتعاد عنه..


      إلى (مصر)..
      يمنى شعت
      يمنى شعت
      المراقب العام للمنتديات


      عدد المساهمات : 206
      تاريخ التسجيل : 23/10/2010

      القصة الحقيقية لرافت الهجان  Empty رد: القصة الحقيقية لرافت الهجان

      مُساهمة من طرف يمنى شعت الخميس أكتوبر 28, 2010 10:49 am

      الفصل الثانى :

      مع عودة (رفعت) إلى (مصر)، بدون وظيفة، أو جواز سفر، وقد سبقه تقرير عما حدث له في (فرانكفورت)،

      وشكوكحول ما فعله بجواز سفره، بدت الصورة أمامه قاتمة إلى حد محبط، مما دفعهإلى حالة مؤسفة من اليأس والإحباط، لم تنته إلا مع ظهور فرصة جديدة، للعملفي شركة قناة (السويس)، تتناسب مع إتقانه للغات..

      ولكن الفرصة الجديدة كانت تحتاج إلى وثائق، وأوراق، وهوية..
      وهنا،بدأ (رفعت) يقتحم العالم السفلي، وتعرَّف على مزوِّر بارع، منحه جواز سفرباسم (علي مصطفى)، يحوي صورته، بدلاً من صورة صاحبه الأصلي.. وبهذا الاسمالجديد، عمل (رفعت) في شركة قناة (السويس)، وبدا له وكأن حالة الاستقرارقد بدأت..
      ولكن هيهات… لقد قامت ثورة يوليو1952م، وشعر البريطانيونبالقلق، بشأن المرحلة القادمة، وأدركوا أن المصريين يتعاطفون مع النظامالجديد، فشرعوا في مراجعة أوراقهم، ووثائق هوياتهم، مما استشعر معه (رفعت)الخطر، فقرَّر ترك العمل، في شركة قناة (السويس)، وحصل من ذلك المزوِّرعلى جواز سفر جديد، لصحفي سويسري، يُدعى (تشارلز دينون)..
      والمدهش أن(رفعت) قد قضى بعض الوقت، في أحد الفنادق الدولية الكبرى، منتحلاً شخصية(دينون)، دون أن ينكشف أمره لحظة واحدة، أو يُدرك مخلوق واحد، ممن يتعاملمعهم يومياً، أنه ليس صحفياً، بل وليس حتى سويسرياً، بل مجرَّد شاب مصري،يحمل شيكات سياحية، قيمتها اثنا عشر ألف دولار أمريكي، هى نتاج عمله فيشركة (سلتيك تورز) البريطانية، مما يثبت مدى براعته، وقدرته المدهشة علىإقناع وخداع كل من حوله، وتمكُّنه المدهش من اللغات ولكناتها أيضاً..
      وبسبببعض المتغيرات السياسية، في عام1953م، بدأت عملية مراجعة لأوراق الأجانبفي (مصر)، مما اضطر (رفعت) إلى إنهاء إقامته في ذلك الفندق الدولي، الذىلم يُسدِّد فاتورته على الأرجح؛ لأنه قرَّر أن يغيِّر هويته مرة أخرى،وحصل بالفعل على جواز سفر جديد، باسم البريطانى (دانيال كالدويل)..
      وبأسلوب إيقاف السيارات (الأوتوستوب)، اتجه (رفعت) نحو حدود (ليبيا)، وقد وقر في نفسه أنه لم يعد أمامه سوى أن يغادر (مصر) كلها..
      ولقدسار كل شيء على ما يرام، حتى بلغ نقطة الحدود نفسها، وقدَّم للضابطالبريطاني عندها جواز سفره البريطاني، بمنتهى الثقة والبساطة، وهو يتحدَّثمعه بلكنة بريطانية صرفة..
      ولكن الأمور لم تكن تسير لصالحه هذه المرة..
      ففيذلك الحين، كان الكثيرون من الجنود البريطانيين يفرون من وحداتهم في(الإسكندرية)، ويحاولون عبور الحدود إلى (ليبيا)، كما كان العشرات مناليهود يسعون لتهريب أموالهم، عبر الحدود نفسها، مما جعل الضابط البريطانييطالبه بإفراغ كل ما تحويه جيوبه أمامه، فلم يتردَّد (رفعت) لحظة واحدة،وبدا شديد الهدوء والثقة، وهو يفرغ جيوبه أمام البريطاني، الذي التقطالشيكات السياحية، وفحصها في اهتمام بالغ، قبل أن يسأله عما يعنيه كونالشيكات محرَّرة لاسم (رفعت الجمَّال)، في حين أن جواز السفر يحمل اسم(دانيال كالدويل)..

      وهنا، ارتكب (رفعت) أكبر حماقة في حياته، عندماقال: إنه سيوقَّع تلك الشيكات باسم (رفعت الجمَّال)، مما اعتبره البريطانيبادرة شك، فألقى القبض عليه، وأعاده إلى (القاهرة) مع تقرير يشير إلى أنهلا يبدو مصرياً، أو حتى بريطانياً، وأنه على الأرجح (دافيد أرنسون) آخر..
      و(دافيدأرنسون) هذا ضابط يهودي، كان مستشاراً للقائد التركي (جمال باشا) في(دمشق) يوماً ما، ضمن شبكة تجسُّس يهودية، انتشر أفرادها في الإمبراطوريةالعثمانية..
      ولكن سلطات التحقيق في (مصر) لم تكن لديها خلفية تاريخيةمناسبة، لتستوعب هذا الأمر، لذا فقد اتهمت (رفعت) بأنه يهودي، يحمل اسم(دافيد أرنسون)، وجواز سفر باسم (دانيال كالدويل)، وشيكات سياحية باسم(رفعت الجمَّال)، ولقد زاد هو الطين بلة -حسبما قال في مذكراته- عندماتحدَّث بالعربية، ليثبت التهمة على نفسه، مما جعلهم يرسلونه إلى(القاهرة)، وإلى (مصر الجديدة) بالتحديد؛ لأنها الجهة الوحيدة، التي عثروافيها على اسم (رفعت الجمَّال)..
      إلى هنا، والمذكرات لم تبتعد كثيراً عنتلك الأحداث، التي تابعناها جميعاً، في المسلسل الشهير، على شاشةالتليفزيون، فقد أعيد استجواب (رفعت) في قسم (مصر الجديدة)، وحار الكل فيشأنه، وافترض بعض الجنود، والضباط، وحتى المساجين، أنه بالفعل يهودي مصري،و…
      وفجأة، زاره ذلك الرجل..
      وفي هذا الجزء بالتحديد، أعتقد أنه منالأفضل أن ننقل الحدث، كما رواه (رفعت علي سليمان الجمَّال) بنفسه،باعتباره أهم وأخطر نقطة تحوّل، في مسار حياته كلها، حيث يقول:
      رأيت في انتظاري رجلاً ضخم البنية، يوحى بالجدية، يرتدي ملابس مدنية، هادئ الصوت في ود حين يلقي أوامره.
      وجه كلامه للحارس الذى اصطحبني قائلاً:
      - يمكن أن تتركنا الآن وحدنا.
      واتجهناحيتي وطلب مني الجلوس. جلست. وفي داخلي قلق حقيقي. يسيطر عليَّ مزاجعنيد وملل وضيق مما سيأتي، فقد سئمت وضقت ذرعاً من القيود التي وضعونيفيها. وعندما قدم لى الجالس قبالتي سيجارة ثنيت يدي في هدوء فانسلتا خارجالقيد الحديد. تردد الرجل لحظة، ولكنه لم ينطق بشيء، ولم يستدع الحارس.فقط جلس خلف مكتبه، الذي أجلس قبالته، وقد رسم على شفتيه ابتسامة وهويتطلع إلىَّ.
      قدّم لي نفسه قائلاً:
      - اسمي حسن حسني من البوليس السياسي.
      قفزتإلى رأسي علامة استفهام كبيرة: ما علاقتي أنا بالبوليس السياسي؟ إنالمباحث الجنائية هي وحدها المسؤولة عن الجرائم التي يحاولون اتهامي بها.

      استطرد الرجل قائلاً:
      -لا أستطيع أن أخاطبك باسمك لأنني لا أعرف أي اسم أستخدم من أسمائكالثلاثة. يجب أن تعرف أن قضيتك صعبة جداً. ليس المسألة خطورة جرائمك، بللأننا ببساطة لا نعرف من أنت. إن الثورة في بلدنا لا تزال حديثة عهد، بلاخبرة أو استعداد. ونحن لا نستطيع إصدار وثائق إثبات الشخصية للجميع لأننالا نملك الوسائل اللازمة ولا العاملين اللازمين لذلك. وكما ترى فإنني صريحمعك. وحيث إنك حتى هذه اللحظة مجرد مشتبه فيه، فالواجب يقضي بأن لا تبقىفي الحجز أكثر من يومين. بعد هذا لابد من عرضك على قاض أو إطلاق سراحك.ولكن يجب أن نتحفظ عليك حتى تفصح لنا عن حقيقة هويتك. نحن في ثورة ولسناعلى استعداد لتحمل أية أخطاء في هذه المرحلة.
      أنصت إليه بانتباه محاولاً تصور ما يرمى إليه. واستطرد قائلاً:
      -أود أن أغلق قضيتك. لا يوجد أي بلاغ عن سرقة جواز سفر بريطاني باسم(دانييل كالدويل). ولا أستطيع أن أفسر كيف ظهر في ملفك أنك يهودي باسم(ديفيد آرونسون). ثم إن (رفعت الجمَّال) لا توجد اتهامات ضده ولا أبلغ هوعن سرقة أى شيكات سياحية. سأدعك تخرج إلى حال سبيلك شريطة أن أعرف فقط منأنت على حقيقتك. والآن ما قولك؟
      قلت له :
      - ألا تريد أن تخبرني لماذا أنت مهتم بي؟ واضح أنني لست هنا بسبب اتهام ما.
      وكان رده:
      - أنا معجب بك. إجابتك أسرع مما توقعت.
      تصورت أنه ما دام من البوليس السياسي، وهو ما أصدقه، فليس من المنطقي أن يعرفني باسمه مع أول اللقاء إلا إذا كان على يقين من أمري.
      كانالبوليس السياسي في ذلك الوقت نوعاً من المخابرات. وعلى الرغم من ادعائهأنهم لا يملكون الإمكانيات إلا أنهم كانوا يعملون بدأب شديد.
      استطرد قائلاً:
      -أنا مهتم بك. فقد تأكد لنا أنك قمة في الذكاء والدهاء. لقد أثرت حيرةالرسميين إزاء الصور التي ظهرت عليها حتى الآن. قد تكون إنجليزياً أويهودياً أو مصرياً. غير أن ما أثار اهتمامي كثيراً بشأنك هو أن أحد رجالناالذين دسسناهم بينكم في حجز الإسكندرية أفاد بأن جميع النزلاء اليهودالآخرين اعتقدوا عن يقين أنك يهودي.
      دهشت للطريقة التي يعملون بها. لقدوصل بهم الأمر إلى حد وضع مخبرين داخل السجن للتجسس على الخارجين علىالقانون. وواصل حسن حسني حديثه قاصداً مباشرة إلى ما يرمي إليه فقال:
      -يجب التزام الحذر. أعداء الثورة في كل مكان ويريدون دفع مصر مرة ثانية إلىطريق التبعية للأجانب وكبار الملاك الزراعيين. بيد أن هذا موضوع آخر. فأنتكإنجليزي لا يعنيك هذا في كثير أو قليل. وأنا على يقين من أنك لا تضمركراهية للشعب المصري.
      انفجرت فجأة قائلاً:
      - هذه إهانة أنا مصري، وحريص كل الحرص على مصر وشعبها.
      صحت وصرخت بأعلى صوتي لهذه الإهانة التي وجهها لي. وما أن انتهيت من ثورتي الغاضبة حتى أشعل سيجارة وابتسم ابتسامة المنتصر..
      وعرفت أنني وقعت .
      يمنى شعت
      يمنى شعت
      المراقب العام للمنتديات


      عدد المساهمات : 206
      تاريخ التسجيل : 23/10/2010

      القصة الحقيقية لرافت الهجان  Empty رد: القصة الحقيقية لرافت الهجان

      مُساهمة من طرف يمنى شعت الخميس أكتوبر 28, 2010 10:51 am

      الفصل الثالث

      في مذكراته، وبقلمه، يواصل (رفعت الجمّال) رواية تفاصيل مقابلته الأولى، لضابط البوليس السياسي، قائلاً:

      -عندئذعرفت أنني وقعت في المصيدة التي نصبها لي. عرفت أنه انتصر عليّّ. فقداستفزني إلى أقصى الحدود ليجعلني أظهر على حقيقتي، واستطاع ببضع كلمات عنأعداء مصر أن يجعلني أكشف الستر عما أخفيته.
      وهنا قال:
      - (رفعت) أنافخور بك. أنت مصري أصيل. أطلب منك أن تخبرني شيئاً واحداً وبعدها سأعترفلك بالسبب في أنك هنا، وفي أني مهتم بك أشد الاهتمام. كيف نجحت في جعلاليهود يقبلونك كيهودي؟
      أجبت قائلاً:
      - هذه قصة طويلة، وأنا واثق من أنك لا تريد سماعها.
      وكانت إجابته:
      - جرَّب. عندي وقت طويل.
      سألته:
      - وفيم يهمك هذا؟
      قال هادئاً:
      -لأنني بحاجة إليك، وعندي عرض أريد أن أقترحه عليك.
      ربماكنت أنتظر هذه اللحظة. إذ سبق لي أن عشت أكاذيب كثيرة في حياتي، وبعد أنقضيت زمناً طويلاً وحدي مع أكاذيبي، أجدني مسروراً الآن إذ أبوح بالحقيقةإلى شخص ما. وهكذا شرعت أحكي لـ(حسن حسني) كل شيء عني منذ البداية. كيفقابلت كثيرين من اليهود في ستوديوهات السينما، وكيف تمثلت سلوكهم وعاداتهممن منطلق الاهتمام بأن أصبح ممثلاً. وحكيت له عن الفترة التي قضيتها في(إنجلترا) و(فرنسا) و(الولايات المتحدة الأمريكية)، ثم أخيراً في (مصر).بسطت له كل شيء في صدق. إنني مجرد مهرج، ومشخصاتي عاش في التظاهر ومثل كلالأدوار التي دفعته إليها الضرورة ليبلغ ما يريد في حياته.
      بعد أن فرغت من كلامي اتسعت ابتسامة (حسني) أكثر مما كانت وقال لي:
      -(رفعت الجمَّال)، أنت إنسان مذهل. لقد اكتسبت في سنوات قليلة خبرة أكبربكثير مما اكتسبه شيوخ على مدى حياتهم. أنت بالضبط الشخص الذي أبحث عنه.يمكن أن نستفيد منك استفادة حقيقية.

      وكان سؤالي هذه المرة:
      - ما الذي تريدني من أجله؟
      أجاب قائلاً:
      -كما قلت لك من قبل هناك مشكلات خارجية كثيرة تواجه مصر. وتوجد في مصرأيضاً رؤوس أموال ضخمة يجري تهريبها. والملاحظ أن كثيرين من الأجانب وخاصةاليهود هم الذين يتحايلون لتهريب رؤوس الأموال إلى خارج البلاد. يمكنهمتحويل مبالغ بسيطة فقط بشكل قانوني، غير أنهم نظموا فرقاً تخطط وتنظملإخراج مبالغ ضخمة من مصر. واليهود هم الأكثر نشاطاً في هذا المجال. إنإسرائيل تأسست منذ خمس سنوات مضت، وهناك كميات ضخمة من الأموال تتجهإليها. ونحن ببساطة لا نستطيع تعقب حيلهم، ومن ثم فنحن نريد أن نغرس بينهمشخصاً ما، يكتسب ثقتهم ويطمئنون إليه وبذا يكتشف حيلهم في تهريب أموالهمإلى خارج البلاد، كما يكشف لنا عمن وراء ذلك كله. نريد أن نعرف كيف تعملقنوات النقل التي يستخدمونها وكل شيء آخر له أهمية. وأنت الشخص المثاليلهذا العمل. الشخص الذي نزرعه وسطهم لابد وأن يكون يهودياً. ولقد استطعتإقناعهم بأنك كذلك. ما رأيك؟ هل أنت على استعداد لهذه المهمة؟
      حدقت فيهكأنه نزل إليّ من السماء. لم أشعر بالاطمئنان، ولم تكن لديّ فكرة عما أنامزمع عمله. أوضح لي أنني أفضل فرس رهان بالنسبة له. وأضاف أنهم سوف يتولونتدريبي، وإيجاد قصة جيدة الإحكام لتكون غطاء لي، ثم يضعونني وسط المجتمعاليهودي في (الإسكندرية).
      سألته:
      - وماذا يعود عليَّ أنا من هذا؟
      -سيتم محو ماضي (رفعت الجمَّال) تماماً، ويجري إسقاط جميع الإجراءاتالقضائية الأولية لإقامة الدعاوي ضدك بسبب جوازات السفر المزورة،والبيانات الشخصية عن (علي مصطفى)، و(شارلز دينون)، و(دانييل كالدويل)،وأي أسماء أخرى سبق لك أن استعملتها، كما سيتم إسقاط أي اتهامات أخرى ضدك.وسوف تستعيد قيمة شيكاتك السياحية، أو تكتب بالاسم الذي تتخذه لنفسك وتعيشبه كيهودي. هل نعقد الصفقة معاً؟
      عدت لأسأله:
      - هل لي حق الاختيار؟
      -من حيث المبدأ لك الخيار. فإذا كنت قد اعتدت على حياة السجن، فمن المؤكدأنك تستطيع اختيار هذا لأن السجن سيكون هو مكانك ومآلك زمناً طويلاً ما لمتسقط الاتهامات ضدك.
      - وكيف نبدأ إجراءاتنا من هنا إذا ما قبلت عرضك؟
      -سنشرع في تدريبك على الفور. سيكون تدريباً مكثفاً ويحتاج إلى زمن طويل.وسوف تكون لك شخصية جديدة وتنسى ماضيك تماماً. وما أن توضع في مكانكالجديد حتى تغدو مسؤولاً عن نفسك. لن يكون لنا دور سوى دعمك بالضرورات،ولن نتدخل إلا إذا ساءت الأمور، أو أصبح الوضع خطراً.
      جلست في مكانيأفكر في الفرص المتاحة لي، مدركاً ألا خيار آخر أمامي إذا لم أشأ دخولالسجن، لقد أوقع بي (حسن حسني) حيث أراد لي، ولا حيلة لي إزاء ذلك. وقفتوبسطت يدي لأصافحه موافقاً وأنا أقول له:
      - حسن، أظنك أوقعت بي حيث تريد لي أن أكون. إذن لنبدأ.
      أجاب وعلى شفتيه ابتسامة:
      - أنا سعيد جداً أن أسمع هذا منك.

      وبدأتفترة تدريب مكثف. شرحوا لي أهداف الثورة وفروع علم الاقتصاد، وتعلمت سرنجاح الشركات متعددة القوميات، وأساليب إخفاء الحقائق بالنسبة لمستحقاتالضرائب، ووسائل تهريب الأموال، وتعلمت بالإضافة إلى ذلك عادات اليهودوسلوكياتهم. وتلقيت دروساً مكثفة في اللغة العبرية كما تعلمت تاريخ اليهودفي مصر وأصول ديانتهم. وعرفت كيف أمايز بين اليهود الإشكانز(*)والسفارد(**) والشازيد(***). وحفظت عن ظهر قلب الشعائر اليهودية وعطلاتهمالدينية حتى أنني كنت أرددها وأنا نائم. وتدربت أيضاً على كيفية البقاءعلى قيد الحياة معتمداً على الطبيعة في حالة إذا ما اضطرتني الظروف إلىالاختفاء فترة من الزمن. وتدربت بعد هذا على جميع عادات الشرطة السريةللعمل بنجاح متخفياً. وأخيراً تقمصت شخصيتي الجديدة. وأصبحت منذ ذلكالتاريخ (جاك بيتون) المولود في 23أغسطس عام1919 في المنصورة، من أب فرنسيوأم إيطالية. وأن أسرتي تعيش الآن في (فرنسا) بعد رحيلها عن مصر، وهي أسرةكانت لها مكانتها وميسورة الحال. وديانتي هي يهودي إشكنازي. وتسلمت وثائقتحمل اسمي الجديد والتواريخ الجديدة.
      هكذا ذكر (رفعت) الأمر، في مذكراته الشخصية..
      وهكذاانتهى (رفعت الجمَّال) رسمياً، ليولد (جاك بيتون)، الذي انتقل للعيش في(الإسكندرية)، ليقيم في حي يكثر به اليهود، ويحصل على وظيفة محترمة، فيإحدى شركات التأمين..
      ورويداً رويداً بدأت ثقته في نفسه تزداد، وبدأيتعايش كفرد من الطائفة اليهودية، التي قدمه إليها زميل الحجز السابق(ليفي سلامة)، والذي قضي معه بعض الوقت، عندما تم إلقاء القبض عليه، عندالحدود الليبية..
      وفي مذكراته هذه، يكشف لنا (رفعت الجمَّال) جانباً لميتطرَّق إليه المسلسل التليفزيوني على نحو مباشر أبداً، إذ تباغتناالمفاجأة بأنه قد انضمّ، أثناء وجوده في (الإسكندرية)، إلى الوحدةاليهودية (131)، التي أنشأها الكولونيل اليهودي (إفراهام دار)، لحسابالمخابرات الحربية الإسرائيلية (أمان)، والتي شرع بعض أفرادها في القيامبعمليات تخريبية، ضد بعض المنشآت الأمريكية والأجنبية، على نحو يجعلهاتبدو كما لو أنها من صنع بعض المنظمات التحتية المصرية، فيما عرف بعدهاباسم (فضيحة لافون)، نسبة إلى (إسحق لافون)، رئيس الوزراء الإسرائيليآنذاك..
      وفي الوحدة (131)، كان (رفعت الجمَّال) زميلاً لعدد منالأسماء، التي أصبحت فيما بعد شديدة الأهمية والخطورة، في عالم المخابراتوالجاسوسية، مثل (مارسيل نينو)، التي أقام علاقة معها لبعض الوقت، و(ماكسبينيت)، و(إيلي كوهين)، ذلك الجاسوس الذي كاد يحتلّ منصباً شديد الحساسيةوالخطورة، بعد هذا بعدة سنوات، في الشقيقة (سوريا)، وغيرهم..
      ومذكرات(رفعت)، في هذا الجزء بالذات، تبدو مدهشة بحق، إذ أنها تخالف كل ما قرأناهأو تابعناه، بشأن عملية (سوزانا)، أو (فضيحة لافون)؛ إذ أنها توحي بأن كلشيء كان تحت سيطرة جهاز مكافحة الجاسوسية منذ البداية، وأن (حسن حسني)،ومن بعده (علي غالي)، الذي تولَّى أمر (رفعت)، في مرحلة تالية، كانايتابعان نشاط الوحدة (131) طوال الوقت، وأن معلومات (رفعت)، التي كانينتزعها، من قلب الوحدة، كانت سبباً أساسياً في إحباط العملية كلها،وإلقاء القبض على كل المشتركين فيها..
      يمنى شعت
      يمنى شعت
      المراقب العام للمنتديات


      عدد المساهمات : 206
      تاريخ التسجيل : 23/10/2010

      القصة الحقيقية لرافت الهجان  Empty رد: القصة الحقيقية لرافت الهجان

      مُساهمة من طرف يمنى شعت الخميس أكتوبر 28, 2010 10:53 am

      الفصل الاخير


      على الرغم من التعارض الواضح، في مذكراته، مع مانشر عن تفاصيل سقوط
      جواسيس فضيحة (لافون)، فأنا -شخصياً- أكثر ميلاً لتصديق قصة (رفعت)، بل
      وأعتقد أن الهدف من نشر الأمر، على نحو مختلف، كان حمايته بالدرجة الأولى
      بعدما انتقل عمله من الشرطة والبوليس السياسي إلى عالم الجاسوسية، وتطوَّر
      الهدف من وجوده، في مرحلة تالية من العملية..

      ولقد تم إلقاء القبض على (رفعت) و(إيلي كوهين)، كأفراد في الوحدة
      (131)، ثم أطلق سراحهما فيما بعد، لعدم وجود ما يدينهما، فاختفى بعدها (إيلي)،
      في حين بقي (رفعت)، ليواصل الحياة لبعض الوقت، باسم (جاك بيتون)، الذي لم
      يتطرَّق إليه الشك حتماً، بدليل أن الإسرائيليين قد اتهموا عضواً آخر، من الوحدة (131)
      بكشف أسرارها، وهو (بول فرانك)، الذي حوكم بالفصل، فور عودته إلى (إسرائيل)
      وصدر ضده الحكم بالسجن لاثني عشر عاماً..
      وحتى ذلك الحين، وكما يقول (رفعت) في مذكراته، كانت مهمته تقتصر على
      التجسُّس على مجتمع اليهود في (الإسكندرية)، ولكن عقب نجاح عملية الوحدة (131)
      تم استدعاؤه إلى (القاهرة)، ليلتقي بضابط حالته الجديد (علي غالي)، الذي واجهه
      لأوَّل مرة بأنه قد نجح تماماً في مهمته، وأن الخطة ستتطوَّر، لتتم الاستفادة به أكثر
      خارج الحدود، خاصة وأن سمعته، كفرد سابق في الوحدة (131)، ستخدع
      الوكالات اليهودية، وستدفعها للتعامل معه كبطل..

      وهنا أيضاً، أعتقد أنه من الأروع أن نقرأ تفاصيل تلك اللحظات الحاسمة من مذكرات (رفعت)
      مباشرة، عندما يقول:
      مرة أخرى وجدت نفسي أقف عند نقطة تحول خطيرة في حياتي. لم أكن أتصور
      أنني ما أزال مديناً لهم، ولكن الأمر كان شديد الحساسية عندما يتعلق بجهاز المخابرات.
      فمن ناحية روعتني فكرة الذهاب إلى قلب عرين الأسد. فليس ثمة مكان للاختباء
      في (إسرائيل)، وإذا قبض عليَّ هناك فسوف يسدل الستار عليَّ نهائياً.

      والمعروف أن (إسرائيل) لا تضيع وقتاً مع العملاء الأجانب. يستجوبونهم ثم يقتلونهم.
      ولست مشوقاً إلى ذلك. ولكني كنت أصبحت راسخ القدمين في الدور الذي تقمصته
      كما لو كنت أمثل دوراً في السينما، وكنت قد أحببت قيامي بدور (جاك بيتون).
      أحببت اللعبة، والفارق الوحيد هذه المرة هو أن المسرح الذي سأؤدي عليه دوري
      هو العالم باتساعه، وموضوع الرواية هو الجاسوسية الدولية. وقلت في نفسي أي
      عرض مسرحي مذهل هذا؟... لقد اعتدت دائماً وبصورة ما أن أكون مغامراً مقامراً
      وأحببت مذاق المخاطرة. وتدبرت أمري في إطار هذه الأفكار، وتبين لي أن لا خيار أمامي.
      سوف أؤدي أفضل أدوار حياتي لأواجه خيارين في نهاية المطاف: إما أن يقبض
      عليَّ وأستجوب وأشنق، أو أن أنجح في أداء الدور وأستحق عليه جائزة أوسكار.
      وكنت مقتنعاً أيضاً بأني أعمل الصواب من أجل مصر وشعبها.

      قلت لغالي:
      - إذا كنت تعتقد أنني قادر على أداء المهمة فإني لها.
      ثم كان السؤال الثاني:
      - كيف نبدأ من هنا؟
      - سوف يجري تدريبك على العمل على الساحة الدولية. كل ما تتعلمه
      يجب أن يسري في دمك. هذا هو سر اللعبة. أنت مخرج عرضك المسرحي
      وإما أن تنجح فيه بصورة كاملة، أو تواجه الهلاك.
      تصافحنا علامة الموافقة وبدأت جولة تدريب مكثف. ودرست تاريخ اليهود الأوروبيين
      والصهيونية وموجات الهجرة إلى فلسطين. تعلمت كل شيء عن الأحزاب السياسية
      في (إسرائيل) والنقابات و(الهستدروت) أو اتحاد العمال، والاقتصاد والجغرافيا
      والطوبوغرافيا وتركيب (إسرائيل). وأصبحت خبيراً بأبرز شخصيات (إسرائيل)
      في السياسة والجيش والاقتصاد عن طريق دراسة أفلام نشرات الأخبار الأسبوعية.
      وأعقب هذا تدريب على القتال في حالات الاشتباك المتلاحم والكر والفر
      والتصوير بآلات تصوير دقيقة جداً، وتحميض الأفلام وحل شفرات رسائل أجهزة
      الاستخبارات والكتابة بالحبر السري، ودراسة سريعة عن تشغيل الراديو، وفروع
      وأنماط أجهزة المخابرات والرتب والشارات العسكرية. وكذلك الأسلحة الصغيرة
      وصناعة القنابل والقنابل الموقوتة. وانصب اهتمام كبير على تعلم الديانة الموسوية
      واللغة العبرية. واعتدت أن أستمع كل يوم ولمدة ساعات إلى راديو إسرائيل.
      بل وعمدت إلى تعميق لهجتي المصرية في نطق العبرية لأنني في نهاية الأمر مولود في مصر.
      بعد التدريب تحددت لي مهنة. تقرر أن أكون وكيل مكتب سفريات حيث إن هذا
      سيسمح لي بالدخول إلى (إسرائيل) والخروج منها بسهولة، وتقرر أن أؤدي اللعبة
      لأطول مدة ممكنة. لم يكن ثمة حد زمني، وكان لي الخيار بأن أترك الأمر كله
      إذا سارت الأمور في طريق خطر. وسوف نرى إلى أين تمضي بنا الأمور. وقيل لي
      إنني أستطيع بعد ذلك العودة إلى (مصر) وأستعيد شخصيتي الحقيقية.
      وتسلمت مبلغ 3000 دولار أمريكي لأبدأ عملي وحياتي في (إسرائيل).
      وفي يونيو1956 استقللت سفينة متجهة إلى (نابولي) قاصداً في الأصل أرض الميعاد.
      ودعت (مصر) دون أن أدري ما سوف يأتي به المستقبل.

      واعتباراً من هذه المرحلة، تنقلنا مذكرات (رفعت الجمًّال)، التي تركها لزوجته بعد وفاته
      إلى تلك المرحلة الجديدة تماماً من حياته، والتي سافر خلالها إلى (نابولي)،
      حيث التقطته الوكالة اليهودية هناك، وبذلت جهدها لإقناعه بالسفر إلى (إسرائيل)،
      (أرض الميعاد)، كما كانت تقول دعاياتهم بمنتهى الإلحاح أيامها..
      وفي هذا الجزء بالذات، وربما دون أن يدري (رفعت) نفسه، تتبدّى عبقرية العملية كلها،
      إذ لم يبد هو أية لهفة، على السفر إلى (إسرائيل)، إلا أنه لم يمانع بشدة في الوقت نفسه،
      وإنما جعلهم يعتقدون أنهم قد نجحوا في إقناعه، وتركهم يدفعونه إلى ظهر سفينة،
      حملته إلى (إسرائيل)، التي استقبله فيها رجل مخابرات يُدعى (سام شواب)، واستجوبه
      بعض الوقت، ثم منحه تأشيرة إقامة، وجواز سفر إسرائيلي فيما بعد، مما يؤكِّد
      أن عملية المخابرات المصرية قد نجحت بالفعل..
      وبمنتهى القوة..

      ويتحدَّث (رفعت الجمَّال)، في تلك المرحلة من مذكراته، عن إنشائه لمكتب سفريات
      (سي تورز)، في 2 شارع (برينر) في (تل أبيب)، وصداقته مع (موشي دايان)،
      ومحاولات (سام شوب)، التقرُّب إليه، ودفعه الفاتنة (راكيل إبشتين) في طريقه،
      ومحاولاته هو لاكتساب ثقة (دايان) و(شوب)، و(عزرا وايزمان)، ثم ينتقل بنا فجأة
      إلى حدث شديد الأهمية والخطورة..
      فمع اقترابه من مواقع الأحداث، علم (رفعت) بأمر العدوان الثلاثي قبل وقوعه،
      وعرف الكثير من تفاصيله، وسافر إلى (روما) و(ميلانو) بالفعل، بعد ترتيبات دقيقة؛
      ليلتقي برئيسه، ويخبره بكل ما لديه..
      ولكن أحداً لم يصدّق، أو يقتنع بأهمية وخطورة تلك المعلومات، التي أتى بها
      (رفعت)، من قلب (إسرائيل)...
      ووقع العدوان الثلاثي..
      وحدث ما حدث..

      وتساءل (رفعت): لماذا لم يصدق أحدهم تحذيره!…
      ولكنه لم يحصل على الجواب أبداً..
      وفي عام 1957م، فوجئ (رفعت) بزيارة من (إيلي كوهين)، زميله السابق، في
      الوحدة (131)، الذي سعى إليه، واستعاد صداقته معه، قبل أن يبدأ مهمته، التي
      سافر من أجلها إلى (أمريكا الجنوبية)، للاندماج بمجتمع المهاجرين السوريين،
      تمهيداً لزرعه في (سوريا) فيما بعد، والتي ساهم (رفعت) نفسه في كشف أمرها،
      عندما أبلغ المخابرات المصرية، أن صورة (كامل أمين ثابت)، التي نشرتها الصحف،
      المصرية والسورية، إنما هي لزميله السابق، الإسرائيلي (إيلي حوفي كوهين)..

      وفي مذكراته يمضي (رفعت) في سرد حياته في (تل أبيب)، ويروي قصة اختيار
      مكتبه السياحي لإقامة الجسر الجوي؛ لنقل يهود (بيروت) إلى (إسرائيل)، مما يؤكِّد
      ثقة السلطات الإسرائيلية البالغة فيه، ويمرّ خلال هذا برواية رحلته السرية إلى (مصر)،
      في صيف 1958م، وبقصة الرحلة، التي أهداها إلى (إيلي كوهين) وزوجته، بمناسبة
      زفافهما، ثم يتوقَّف بعض الوقت؛ ليروي صداقاته وعلاقاته الوثيقة، بقادة (إسرائيل)
      في ذلك الوقت، ليقول في هذه الفقرة: (كثفت اتصالاتي بكل من (ديان)، و(وايزمان)،
      و(شواب)، ونظراً لصلة (ديان) الوثيقة بـ(بن جوريون)، فقد استطعت أن أكسب ثقة
      (بن جوريون) أيضاً، وأصبحت عضواً في مجموعة الشباب المحيطين به، إذ كان يحب
      أن يحيط به الشباب ويستمع لآرائهم وأفكارهم. أما (جولدا مائير) فكانت تتميَّز بأنها
      امرأة عطوف، وأبدت وداً شديداً نحوي، وكثيراً ما تساءلت بيني وبين نفسي ماذا
      عساهم أن يقولوا عني لو اكتشفوا حقيقتي وعرفوا أني استخدمتهم)...
      والواضح أيضاً، في هذه المرحلة من المذكرات، أن الفترة من 1959م، وحتى 1963م،
      لم تحمل متغيرات قوية، تستحق الإشارة إليها، إذ قفز (رفعت) بالأحداث دفعة واحدة،
      ليروي كيف أبلغ (مصر) باعتزام (إسرائيل) إجراء تجارب نووية، واختبار بعض الأسلحة
      التكنولوجية الحديثة، أثناء لقائه برئيسه (علي غالي) في (ميلانو)، قبل أن يطرح أوَّل
      مطلب له، منذ فترة طويلة..
      أوّل وأخطر مطلب..
      على الإطلاق.
      طوال فترة عمله، في قلب إسرائيل، لحساب المخابرات المصرية، لم يتقدّم (رفعت الجمّال)
      بمطلب واحد للمسؤولين..

      حتى كان مطلبه هذا..
      يمنى شعت
      يمنى شعت
      المراقب العام للمنتديات


      عدد المساهمات : 206
      تاريخ التسجيل : 23/10/2010

      القصة الحقيقية لرافت الهجان  Empty رد: القصة الحقيقية لرافت الهجان

      مُساهمة من طرف يمنى شعت الخميس أكتوبر 28, 2010 10:54 am

      أن يعود إلى (مصر)، ويدفن إلى الأبد شخصية (جاك بيتون)..
      حدث هذا في يونيو1963م، قبل لقائه الأوَّل بزوجته فيما بعد (فلتراود)، أي أن رغبته
      هذه كانت تعكس حالة الإجهاد التي وصل إليها، ورغبته الحقيقية في استعادة
      (رفعت الجمَّال)، بهويته، وجنسيته..
      وديانته أيضاً..

      ولكن العودة لم تكن بالبساطة التي توقَّعها (رفعت)؛ إذ لم يكن من السهل بالتأكيد،
      أن يختفي (جاك بيتون) هكذا فجأة، من قلب (إسرائيل)، ليظهر (رفعت الجمَّال) مرة
      أخرى في (القاهرة)؛ فهذا كفيل بكشف كل ما فعله طوال حياته..

      ليس هذا فحسب، ولكن ستكشف -أيضا- شبكات التجسُّس التي تركها خلفه أيضاً..

      وفي عالم المخابرات تعتبر هذه كارثة..
      وبكل المقاييس..

      كان عليه –إذن- أن يحتفظ بشخصية (جاك بيتون) لبعض الوقت، وإن كان باستطاعته
      أن يغادر (إسرائيل)، ويرحل إلى بلد ثالث، بحجة العمل أو الارتباط، حتى يفقد
      (الموساد) اهتمامه به، بعد فترة من الوقت، مما يسمح له بالعودة إلى (مصر)..

      وعند هذا الحد، تمتزج، على نحو ما، مذكرات (جاك بيتون) بمذكرات زوجته (فلتراود)،
      فيروي هو نفس ما روته هي من قبل، حول لقائهما، في أكتوبر 1963م، ووقوع كل
      منهما في حب الآخر، وزواجهما.
      ولكن هناك فقرة مهمة جداً، في المذكرات التي تركها (رفعت) لزوجته بعد وفاته،
      تستحق حتماً أن نتوقَّف عندها، وأن ننقلها هنا نصاً؛ لأنها تؤكِّد نجاحه البالغ:
      (وعدنا إلى إسرائيل في أوائل يناير1964م، قدمتك إلى "جولدا مائير"، وأحبتك كثيراً،
      ثم اصطحبتك في زيارة إلى "بن جوريون"، في الكيبوتز الخاص به. رافقنا "ديان"
      في هذه الزيارة، وبعد أن استقبلك "بن جوريون" العجوز مرحباً، طلبت منك التجول
      في الكيبوتز إلى أن نفرغ من حديثنا أنا و"بن جوريون" و"ديان". لم يتناول نقاشنا
      شيئاً له أهمية كبيرة، ولكن كان لابد وأن أكون متابعاً لمسرح الأحداث)..
      إلى هذا الحد إذن كان (رفعت الجمّال) متوغّلاً، في قلب عالم الكبار
      في (إسرائيل)!!!

      أي نجاح يمكن أن يفوق هذا!!

      والنقطة المهمة جداً، التي ينبغي التوقف عندها، في هذه المذكرات أيضاً، هي
      إصرار (رفعت) الشديد، على ألا يولد ابنه في (إسرائيل)، وعلى أن تسافر زوجته
      لتنجبه في (ألمانيا)، حتى لا يحمل إلى الأبد الجنسية الإسرائيلية..

      ورويداً رويداً، راح (رفعت) يتحلَّل من أعماله والتزاماته في (إسرائيل)، ويقوي روابطه
      وأعماله في (ألمانيا)، وبدأ في دراسة كل ما يتعلَّق بالنفط، الذي قرَّر أن يجعل من
      تجارته مصدر رزقه الأساسي، خاصة وأنه قد تقدَّم بطلب للحصول على الجنسية الألمانية،
      التي ستتيح له السفر بيسر أكثر، ودون تعقيدات أمنية عديدة، إلى (مصر)، في أي
      وقت يشاء، كرجل أعمال ألماني، وتاجر نفط عالمي..
      وفي فقرة مؤسفة، يؤكِّد (رفعت) أنه، باتصالاته التي لم تكن قد انقطعت بعد،
      بالمسؤولين الإسرائيليين، أمكنه معرفة أن (إسرائيل) تستعد للهجوم على (مصر)،
      في يونيو1967م، وأنه أبلغ المسؤولين في (مصر) بهذا، إلا أن أحداً لم يأخذ
      معلوماته مأخذ الجد، نظراً لوجود معلومات أخرى،
      تشير إلى أن الضربة ستنصب على (سوريا) وحدها!!..

      ووقعت نكسة1967..
      وانهزمنا هزيمة منكرة..

      وعلى الرغم من حالة الإحباط وخيبة الأمل، التي أصابته بسبب هذا، واصل (رفعت)
      ارتباطه بالمخابرات المصرية، وظلّ يرسل إليها كل ما يقع تحت يديه من معلومات،
      من خلال صداقته مع رجل المخابرات الإسرائيلي (سام شواب)، حتى توافرت لديه
      فجأة بعض المعلومات بالغة الخطورة، (لم يفصح عنها أيضاً في مذكراته)، والتي
      أرسلها فوراً إلى (مصر)، وصدقها المصريون، وكان لها تأثير واضح، في حرب 1973م..

      وبعد الحرب والانتصار، عاد (رفعت) يطلب العودة إلى (مصر)، ولكن المخابرات
      المصرية أخبرته أنه لا يستطيع العودة مع أسرته، إذ يستحيل أن تتم حماية الأسرة
      كلها طوال الوقت، من أية محاولات انتقامية إسرائيلية، إذا ما انكشف أمره..

      كان على الطير أن يواصل التحليق إذن، بعيداً عن وطنه، وأن يحمل حتى آخر
      العمر جنسية (جاك بيتون)، اليهودي الإسرائيلي السابق، ورجل الأعمال الألماني
      المحترم، الذي نجح في إقامة مشروع نفطي كبير في (مصر)، ظلّ يزهو به، حتى
      آخر لحظة في حياته، ويروي في مذكراته كيف حصل على امتياز التنقيب عن البترول
      المصري، في عام 1977م، ليعود أخيراً إلى (مصر)، التي عشق ترابها،
      وفعل من أجلها كل ما فعله..

      وفي نهاية مذكراته، يتحدَّث (رفعت الجمَّال) عن إصابته بمرض خبيث،
      وتلقيه العلاج الكيمائي، في أكتوبر1981م، وتفاقم حالته، ثم يبدي ارتياحه،
      لأن العمر قد أمهله، حتى أكمل مذكراته، وأن زوجته وابنه (دانيال)،
      وابنته بالتبني (أندريا) سيعرفون يوماً ما حقيقته، وهويته، وطبيعة الدور
      البطولي الذي عاش فيه عمره كله، من أجل وطنه..

      من أجل (مصر)..
      وهنا ينتهي الجزء الثاني من الكتاب، ليبدأ الجزء الثالث، وهو الأقل أهمية،
      بالنسبة للقارئ، نظراً لأنه يحوي تطورات حياة (فلتراود)، بعد رحيل (رفعت)،
      ومحاولاتها السيطرة على الأمور، ومعرفتها بأمر زوجها، على لسان ابن شقيقه
      (محمد سامي الجمَّال)، في نفس يوم الوفاة، وكيف أنها لم تصدّق ماسمعته،
      وأنكرته، واستنكرته..
      ثم تتحدّث عن المفاجأة التي تلقَّتها، مع قراءتها لمذكراته، بعد ثلاث سنوات
      من وفاته، وتأكُّدها مما أخبرها به (محمد الجمَّال) قديماً..
      ويالها من مفاجأة!!

      ثم تروي (فلتراود) قصة لقائها بالفنان (إيهاب نافع)، وارتباطها به، والدور الذي
      قام به، لإجراء الاتصال بينها وبين المخابرات المصرية؛ للتيقن من حقيقة ما جاء
      في مذكرات زوجها الراحل، ثم زواجها من (إيهاب نافع) فيما بعد..

      والأحداث الأخيرة تختلف إلى حد ما، عما قدَّمه المسلسل التليفزيوني، وتبدو طويلة
      ومضجرة، وخاصة بعد خروجك من مذكرات (رفعت الجمَّال) نفسه، ولكن اختلافها لن
      يصنع فارقاً كبيراً، بالنسبة للقارئ أو المتابع؛ إذ أن كل ما يعنينا
      من الأمر هو أن الاتصال قد تم..

      وأن العالم كله يعرف الآن أن المخابرات المصرية قد نجحت، في صفع الإسرائيليين،
      طوال ثمانية عشر عاماً كاملة، وزرع جاسوس مصري في قلب قياداتهم..
      وقلب مجتمعهم..
      بل وقلب كيانهم الأساسي كله..

      وأنها كانت واحدة من أروع وأكمل العمليات، التي تم نشر (بعض) تفاصيلها،
      في تاريخ المخابرات كله..

      عملية، برع وتألّق خلالها جاسوس يعد الأشهر في عالمه، حتى لحظة كتابة هذه السطور..

      بل أشهر الجواسيس..
      على الإطلاق.


      رأفت الهجان مات جمال عبدالناصر!
      هزت وفاته رأفت الهجان حتى الأعماق!


      أحس وكأن يداً تعتصر قلبه فى قسوة مروعة.. وفى البداية رفض أن يصدق
      سيرينا أهارونى وظن انها تمازحه مزاحا سياسيا، يرمى الى معنى لم يصل
      اليه، لكن الحقيقة جاءته عبر صوت تلك السيدة الذى اكتسى بحزن لم تحاول
      اخفاءه.. رفض كل محاولاتها للقائه فى تلك الليلة، قالت إن الامر فى حاجة الى
      مناقشة هادئة بعيدا عن هوس الذين كانوا يرون فى الرجل شبحا يؤرق جشعهم...
      ظل طوال الليل يحرك مؤشر الراديو ملتقطا كل اذاعات العالم، يستمع -
      وقلبه ينفطر حزنا- للعدو قبل الصديق وهم يذيعون النبأ بحزن أو شماتة...
      حاول فى تلك الليلة أن يبكى لكنه لم يستطع، أراد أن يبكى لعله يزيح ذلك
      الصخر الذى حط فوق صدره، فكاد يكتم انفاسه.. قال: إنه لم يشعر بوفاة ابيه
      الا فى ذلك اليوم الثامن والعشرين من سبتمبر عام 1970... قال: إن مشكلة عبدالناصر
      معه أنه احتل فى نفسه مكان الاب.. قال: إنه بعد زيارته لمصر عقب هزيمة 1967،
      وعثوره على الأسباب الحقيقة لتلك الحرب الضاربة التى ووجهت بها مصر،
      اكتشف انه اهتم - مع انغماسه فى مهمته الكبري- بإسرائيل ومشكلات إسرائيل
      وما كان يدور فيها، دون ان يهتم بوطنه وما كان يحدث فيه... قال: إنه اكتشف ان عليه-
      إن أراد ان يقوم بواجبه على الوجه الاكمل - الالمام بالصورة من كل جوانبها،
      فى مصر، كما فى إسرائيل، كما فى العالم العربى المحيط بهما.. لذلك،
      فإنه بعد عودته إلى إسرائيل، وضع نصب عينيه أن يعرف كل ما كان يدور
      فى مصر وما يحدث فيها من تطورات... ولقد كان، كلما أمعن فى القراءة
      والدراسة، يهوله الأمر... أدرك انهم كانوا لابد أن يضربوه، ويهزموه، كما
      أدرك بوضوح، ان واجبه اصبح اكثر ثقلا، ومسئولياته أكثر جسامة!
      كانت نيران الأحداث تنضج رأفت الهجان على مهل فراح يمارس واجبه بوعى
      من يدرك حقائق الأمور... فى تلك الأيام راح يرقب ما حوله من فرح وحشى من
      البعض، وحزن حقيقى من الذين كانوا يرون فى عبدالناصر عقبة امام جنون
      البعض وبغيهم.... وهناك من كانوا يرون أن العداء السياسى شيء، والتقدير
      الشخصى لزعيم مثل جمال عبدالناصر شيء آخر.
      ولكن، كان هناك اجماع براحة عميقة، فلقد تخلصت إسرائيل، بضربة حظ لا تتكرر
      فى الدهر مرتين، من ألد اعدائها وأكثرهم ضراوة وفهما لحقائق الأمور!
      أما هو، فلقد لزم الصمت، والزم نفسه به، وامتنع عن مناقشته وتجنب الإدلاء برأيه فيه!
      .........................
      .........................
      كان لابد للحزن ان ينحسر، وللحياة أن تأخذ مجراها!
      ووجد رأفت الهجان نفسه أمام واجبات كانت تمتص كل وقته.
      كان القتال قد توقف على جانبى القناة بعد قبول مصر لمبادرة روجرز....
      وكما قبل جمال عبدالناصر تلك المبادرة كى يعطى الفرصة لدفاعه الجوى
      ان يتحرك إلى أماكن متقدمة من الجبهة، استغلتها إسرائيل كى تدعم تحصيناتها
      العسكرية فى سيناء... وكذا، كان لابد لذراع الفتى ان تمتد الى كل شبر فى شبه
      الجزيرة المصرية، وكان هذا يحتاج الى تجنيد المزيد من الجنود، أو القيام برحلات
      كان بعضها يمثل خطرا حقيقيا!
      على الضفة الأخرى من القناة، بدأ رأفت يلمح بوادر ذلك الصراع السياسى الذى
      نشب عند قمة السلطة فى وطنه... والذى بلغ ذروته فى اليوم الرابع عشر من مايو
      عام 1971، وبدا له الامر فى لحظة ضيق- وكانت نفسه تقطر مرارة- أن الناس
      فى مصر نسوا واجبهم المقدس وتفرغوا لصراعهم السياسى... وعندما احتدم ذلك
      الصراع ووصل الى ذروته، أحس وكأنه يقف فى الميدان وحده!!!!

      والى هنا تنتهى مذكرات كل من رأفت الهجان ( رفعت الجمال )
      avatar
      ????
      زائر


      القصة الحقيقية لرافت الهجان  Empty رد: القصة الحقيقية لرافت الهجان

      مُساهمة من طرف ???? الأحد يناير 09, 2011 3:11 pm

      موضوع رائع
      avatar
      لؤلؤة
      مشرف منتدي الشعروالادب


      الابراجالاسد عدد المساهمات : 229
      تاريخ التسجيل : 21/12/2010
      العمر : 23
      الموقع : معرفش وبعدين انت مالك

      القصة الحقيقية لرافت الهجان  Empty رد: القصة الحقيقية لرافت الهجان

      مُساهمة من طرف لؤلؤة الثلاثاء يناير 11, 2011 8:32 am

      جزاك الله خيرا
      avatar
      ????
      زائر


      القصة الحقيقية لرافت الهجان  Empty رد: القصة الحقيقية لرافت الهجان

      مُساهمة من طرف ???? الثلاثاء يناير 11, 2011 9:00 am

      موضوع رائع جداا
      ĕlšăЭĕɗ šɦЭăt
      ĕlšăЭĕɗ šɦЭăt
      مدير الموقع
      مدير الموقع


      الابراجالثور عدد المساهمات : 280
      تاريخ التسجيل : 11/01/2011
      العمر : 23
      الموقع : مع نفسي

      القصة الحقيقية لرافت الهجان  Empty رد: القصة الحقيقية لرافت الهجان

      مُساهمة من طرف ĕlšăЭĕɗ šɦЭăt الثلاثاء يناير 11, 2011 2:44 pm

      موضوع رائع
      الزعيم
      الزعيم
      مشرف منتدي الفكاهه والمرح


      عدد المساهمات : 172
      تاريخ التسجيل : 12/01/2011
      الموقع : مع

      القصة الحقيقية لرافت الهجان  Empty رد: القصة الحقيقية لرافت الهجان

      مُساهمة من طرف الزعيم الأربعاء يناير 12, 2011 3:19 pm

      موضوع رائع
      يمنى شعت
      يمنى شعت
      المراقب العام للمنتديات


      عدد المساهمات : 206
      تاريخ التسجيل : 23/10/2010

      القصة الحقيقية لرافت الهجان  Empty رد: القصة الحقيقية لرافت الهجان

      مُساهمة من طرف يمنى شعت الخميس يناير 27, 2011 8:31 am

      رائع بمروووركم
      emy ali
      emy ali
      المراقب العام للمنتديات


      الابراجالاسد عدد المساهمات : 145
      تاريخ التسجيل : 13/11/2010
      العمر : 26
      الموقع : اجمل مكان (منتدى مدرسه السلام أ)

      القصة الحقيقية لرافت الهجان  Empty رد: القصة الحقيقية لرافت الهجان

      مُساهمة من طرف emy ali الخميس يناير 27, 2011 8:33 am

      رائئئئئئئئئئئئئئئئئئع ننتظر المزيد
      يمنى شعت
      يمنى شعت
      المراقب العام للمنتديات


      عدد المساهمات : 206
      تاريخ التسجيل : 23/10/2010

      القصة الحقيقية لرافت الهجان  Empty رد: القصة الحقيقية لرافت الهجان

      مُساهمة من طرف يمنى شعت الخميس يناير 27, 2011 8:34 am

      رائئئئئئئع بمروووووووووووووورك يا ايمي
      الماجيك مصطفى
      الماجيك مصطفى
      عضو سوبر مرشح للاشراف
      عضو سوبر مرشح للاشراف


      عدد المساهمات : 173
      تاريخ التسجيل : 29/07/2011

      القصة الحقيقية لرافت الهجان  Empty رد: القصة الحقيقية لرافت الهجان

      مُساهمة من طرف الماجيك مصطفى الإثنين أغسطس 01, 2011 1:24 pm

      موضوووع جميل
      رحيل شعت
      رحيل شعت
      مشرف المنتدي الاسلامي


      عدد المساهمات : 259
      تاريخ التسجيل : 11/04/2011

      القصة الحقيقية لرافت الهجان  Empty رد: القصة الحقيقية لرافت الهجان

      مُساهمة من طرف رحيل شعت الأحد أغسطس 14, 2011 10:59 pm

      موضوع رائع جداااااااااااااااا

        الوقت/التاريخ الآن هو الأربعاء مايو 01, 2024 9:56 pm