مثل (هبة سليم)، تلكالجاسوسة المثقفة، ذات الطابع الخاص جداً، والتي لم تنجح مصريتها في كبتأحلام وتطلُّعات طموحاتها المتفجِّرة، فاندفعت بكل عقلها ونشاطها،ومواهبها المتعدِّدة، نحو طريق الخيانة، وطرحت هويتها تحت أقدام المخابراتالإسرائيلية، التي أوهمتها بأحلام التفوّق والقوة والنجاح، والتي لمتستيقظ منها، إلا وحبل المشنقة يلتفّ حول عنقها الجميل. قبل حتى أن يعرفالعامة قصتها، ويتابعون خيانتها، على شاشة السينما، من خلال أوَّل وأقوىفيلم عن عمليات المخابرات (الصعود إلى الهاوية)، والذي قدَّمها فيه الراحلالمبدع (صالح مرسى)، تحت اسم (عبلة كامل)، مع تلك العبارة الشهيرة، التيانحفرت لروعتها في كل الأذهان: (هي دي مصر يا عبلة)..
أيضاً أتحفناالتليفزيون المصرى، في بداية التسعينيات، بقصة (أحمد الهوَّان)، ذلكالمصري البسيط، الذي لعب دوراً مزدوجاً مدهشاً، لخداع المخابراتالإسرائيلية، وانتزاع واحد من أفضل وأحدث أجهزة الاتصال -أيامها- من بينأنياب ذئابها، في مسلسل حمل طابعاً فريداً، في ذلك الحين، باسم (دموع فيعيون وقحة)، منح خلاله الأستاذ (صالح مرسى)، لبطل القصة الحقيقى، اسماًيتناسب معه إيقاعياً كعادته (جمعة الشوَّان)..
ولكن، ومع كل ما ظهرإلى الوجود -عربياً- عبْر هذا النوع من الأدب، لم يحظ جاسوس واحد، بكل ذلكالاهتمام، وكل تلك الشهرة، المحلية والعالمية، أكثر من (رفعت علي سليمانالجمَّال)، ذلك المصري الشاب، الذي وصفه من التقطوه في بداياته بأنه أقربإلى المحتال، منه إلى رجل الأعمال، مع كل ما يجيده من مهارات وخبرات،وقدرة مدهشة على اجتذاب من حوله، والتأثير فيهم، وإقناعهم بأية روايةيُحِيكُها ذهنه، أو يتدرَّب عليها بإتقان..
ومنذ ظهور قصة (رفعتالجمَّال) إلى الوجود، كرواية مسلسلة، حملت اسم (رأفت الهجَّان)، في 3يناير 1986م، في العدد رقم (3195) من مجلة (المصوِّر) المصرية، جذب الأمرانتباه الملايين، الذين طالعوا الأحداث في شغف مدهش، لم يسبق له مثيل،وتعلَّقوا بالشخصية إلى حد الهوس، وأدركوا جميعاً، سواء المتخصصين أوغيرهم، أنهم أمام ميلاد جديد، لروايات عالم المخابرات، وأدب الجاسوسية،وأمام بوَّابة جديدة فريدة، تنفتح لأوَّل مرة، على هذا النحو من القوة،أمام القارئ العادي..
وتحوَّلت القصة إلى مسلسل تليفزيوني، سيطر علىعقل الملايين، في العالم العربي كله، وأثار جدلاً طويلاً، لم ينقطع حتىلحظة كتابة هذه السطور، في منطقة الشرق الأوسط بأكملها، بما فيها، أو لعلعلى رأسها، (إسرائيل) نفسها..
ولأن الأمر قد تحوَّل، من مجرَّدرواية في أدب الجاسوسية، تفتح بعض ملفات المخابرات المصرية، إلى صرعة لامثيل لها، ولهفة لم تحدث من قبل، وتحمل اسم (رأفت الهجان)، فقد تداعتالأحداث، وانطلق الخيط بلا حدود، وراحت عشرات الصحف تنشر معلومات جديدة فيكل يوم، عن حقيقة ذلك الجاسوس المدهش، الذي زرعته المخابرات المصرية فيقلب (إسرائيل)، لينشئ ويدير واحدة من أقوى شبكات الجاسوسية، ويبرع في خطةخداع عبقرية، ومنظومة مخابراتية رفيعة المستوى، عبر ثمانية عشر عاماًكاملة، دون أن ينكشف أمره لحظة واحدة، على عكس ما يدّعي الإسرائيليونالآن..
ومن بين كل المقالات،والأحاديث، والكتب العديدة، التي تحدَّثت عن (رفعت الجمَّال)، وحاولت كشفحقيقته، وهويته، وأسرار حياته، وبداياته، ومغامرته المذهلة، في قلبالمجتمع الإسرائيلى، لن تجد أفضل، أو أقوى، أو أكثر جذباً للانتباه،وإطلاقاً للفكر، من هذا الكتاب، الذي نستعرضه هنا اليوم (18 عاماً خداعاًلإسرائيل - قصة الجاسوس المصري- رفعت الجمَّال)..
الكتاب صدر عن مركز الترجمة والنشر بالأهرام، ويحمل رقم الإيداع (4230/1994)، وليس له رقم إيداع دولى!!..
وقوةهذا الكتاب لا تكمن في ما يحويه من صور نادرة، ومعلومات لم تنشر من قبل،عن حقيقة (رفعت الجمَّال)، ولا في التفاصيل المدهشة، التي تختلف كثيراً،في بعض مواضعها، عما قرأناه في الرواية، أو شاهدناه على شاشات التليفزيون،وإنما تكمن فيما اعتبره قنبلة حقيقية، لم تتفجرَّ في لغتنا العربية قط، فيمثل هذا النوع من الأدب..
تكمن في أنه يحوي فصلاً كاملاً، كتبه (رفعت الجمَّال) بنفسه، عن قصة حياة (رفعت الجمَّال)، الجاسوس المصري الأشهر..
والكتابفي مجمله هو مذكرات كتبتها (فلتراود هاينريتش شبالت)، التي عُرفت فيما بعدباسم (فلتراود بيتون)، أرملة (جاك بيتون)، وهو ذلك الاسم، الذي عُرف به(رفعت الجمَّال)، منذ تحوَّل إلى هوية يهودية، والذي حمله في (إسرائيل)،وفي (ألمانيا) رسمياً، حتى لحظة وفاته..
وينقسم الكتاب إلىثلاثة فصول، يتحدَّث الفصل الأوَّل منها عن حياة (فلتراود) مع (جاكبيتون)، ولقائها به، والكثير من التفاصيل عن شخصيته، حسبما خبرتها وعرفتهاشخصياً، طوال فترة زواجهما..
وهذا الفصل يبدو أشبه بقصةرومانسية، ومناجاة لحبيب رحل، بأكثر مما يرتبط بعالم المخابراتوالجاسوسية، كما قد ترغب في قراءته إذا ما ابتعت الكتاب لهذا الهدفبالتحديد، ولكن، وعلى الرغم من هذا، فالفصل الأوَّل يمنحك الكثير منالمعلومات الهامة، واللمحات شديدة الخطورة، بشأن شخصية (جاك بيتون)،وتغلغله القوى، في قلب المجتمع الإسرائيلى، وبالذات ذلك الجزء الذي تقولفيه (فلتراود) في مذكراتها الشخصية:
"قضيت أياماً أضفي"لمسة المرأة" على الشقة، وذات يوم، وأنا عاكفة على تنظيف المسكن دق جرسالمنزل، وعندما فتحت الباب، لم أر للوهلة الأولى سوى باقة كبيرة منالأزهار، وما إن انخفضت الباقة قليلاً، حتى طالعتني أعرض ابتسامة عرفتها..رأيت رجلاً واقفاً أمامى، وعلى إحدى عينيه عصابة من القماش الأسود، قدَّمإليَّ باقة الورد، قائلاً :
- أردت فقط أن أشاهد الغلطة، التي ارتكبها جاك بيتون.
ثم انصرف لا يلوي على شئ. أدركت أنه موشي ديان، وعرفت بعد ذلك أنه أقرب أصدقاء جاك.."
وفقاًلرواية (فلتراود)، كانت توجد إذن صداقة قوية بين وزير الدفاع الإسرائيليالسابق شخصياً، وبين (جاك بيتون)، الجاسوس المصري، الذي زرعته المخابراتالعامة، في قلب (إسرائيل)..
فياللخطورة!..
ويا للقوة!..
ولم تكتف (فلتراود) بهذا القدر في روايتها، وإنما تقول في موضع آخر:
"كانأقرب الأصدقاء لنا هم موشي ديان، وجولدا مائير، وبن جوريون، وعزراوايزمان، وكان جاك وموشي وعزرا أشبه بالفرسان الثلاثة، وكانوا عندمايجتمعون معاً، نادراً ما يعكر صفوهم أي شئ، كانت حياتهم معاً مزاحاً فيمزاح، أما جولدا مائير وبن جوريون فكانا بمثابة الأبوين بالنسبة له. لقدتقبَّلاني برضاً وترحاب وأبْدَيَا عطفاً كبيراً نحوي، وكثيراً ما كانتجولدا مائير تسألني عما إذا كان جاك يحسن معاملتي أم لا..؟"
إذن فالجاسوس المصري، حسبما تذكر (فلتراود)، كان صديقاً لأكبر ثلاثة أسماء في (إسرائيل) كلها، في ذلك الحين!!..
هل يمكنك أن تدرك ما الذي يمكن أن يعنيه هذا، وأي نجاح ذلك، الذي حققه رجلنا في (تل أبيب)؟!!..
وبغضالنظر عن تلك الوقفات المثيرة للدهشة والتساؤل، فهذا الفصل من الكتاب يمضيمع ذكريات (فلتراود) حتى لحظة وفاة زوجها (جاك بيتون)، في الثلاثين منيناير 1982م، في (دارمشتاد) في (ألمانيا)..
وبعد عدة صفحات،تحوي مجموعة من الصور الهامة لمراحل حياة (جاك بيتون)، ينتقل بنا الكتابإلى الجزء الثاني والخطير، والأكثر أهمية في الكتاب كله..
إلى قصة حياة (رفعت الجمَّال)، كما رواها هو…
شخصيــــاً..
وهذاالجزء هو الترجمة الحرفية لعدد كبير من الصفحات، التي كتبها (جاك بيتون)بخط يده، باللغة الإنجليزية وتركها لدى محاميه؛ ليسلّمها إلى زوجته(فلتراود)، بعد فترة حدَّدها بثلاث سنوات من وفاته، باعتبار أنها ستكونفترة كافية لتستعيد تماسكها، واستعادة قوتها، بحيث يمكنها تحمُّل الصدمةالتي ستشعر بها، عند قراءتها مذكراته الخاصة، كما يقول بنص كلماته، فيمقدِّمة المذكرات، و..
الأحد فبراير 23, 2014 9:34 pm من طرف أ/كامل شعت
» لأول مرة و بناء على رغبة الجماهير برنامج فاحص الرقم القومى
الأحد فبراير 23, 2014 11:52 am من طرف أ/كامل شعت
» ترتيب الانبياء واعمارهم
الأحد فبراير 23, 2014 11:47 am من طرف أ/كامل شعت
» هل تعلم ما ينتج عن تناول كوب من الماء كل ساعتين ؟ ...
الأحد فبراير 23, 2014 11:43 am من طرف أ/كامل شعت
» تفلم كيف نصبح منظما ومرتبا فى حياتك
الإثنين فبراير 17, 2014 9:14 am من طرف أ/كامل شعت
» 5 خطوات لحل جميع مشكلاتك
الإثنين فبراير 17, 2014 9:12 am من طرف أ/كامل شعت
» انا مهما ذاكرت
الإثنين يناير 27, 2014 11:05 am من طرف يمنى شعت
» اعجاز في لقران الكريم
الإثنين يناير 27, 2014 11:04 am من طرف يمنى شعت
» حكمة للخوارزمي
الإثنين يناير 27, 2014 11:02 am من طرف يمنى شعت
» ير أكاديمية المعلمين ل " الجمهورية" :تأهيل 140 ألف معلم للمناصب القيادية
الخميس نوفمبر 07, 2013 9:42 pm من طرف أ/كامل شعت
» 10 درجات للسلوك..في الثانوية العامة
الجمعة أبريل 27, 2012 8:49 pm من طرف أ/كامل شعت
» اضحك ههههههههه
الثلاثاء مارس 20, 2012 8:08 pm من طرف أ/كامل شعت
» اه ياني ياني ياني مش هاروح لستي تاني
السبت فبراير 25, 2012 9:03 pm من طرف حورية الجنه
» نكتة جميلة جميلة جميلةخالص
السبت فبراير 25, 2012 8:56 pm من طرف حورية الجنه
» نكتة
السبت فبراير 25, 2012 8:53 pm من طرف حورية الجنه